حمرةٌ زاهيةٌ، فراولةٌ مُصنّعةٌ تُبهرُ الأنظارًا
دائريةٌ مثاليةٌ بلا عيبٍ ولا شائبةٍ لكنّ طعمها مُفتقرٌ للحلاوة والطيبة
تُزرع في بيوتٍ بلاستيكية تحتَ أضواءٍ اصطناعية وتُغمرُ بمبيداتٍ وأسمدةٍ كيميائية
لِتبدوَ مثاليةً، تُرضي أهواءَ البشرِ لكنّها تفقدُ جوهرَها وطعمَها الأصليّ معَ العُمرِ،
و كذلك نحنُ.....
Written by Nada
May 17, 2024
الجميع يتحدث عن ملذاتهم المستهجنة او كما هو متوارد (Guilty Pleasures) وهي تلك الرغبات اللذيذة التي تُغري مشاعرنا وتدفعنا لارتكاب تصرفات قد لا تُعتبر "صحيحة" في نمط الحياة المتزنة، لكنها تبقى بريئة في جوهرها ولا تُلحق ضررًا تلقائي و صريح.
قد سُأُلت مرة واحدة قديماً عن ما اذا كان لدي ملذة مستهجنة، لم يكن بإمكاني التفكير في جواب حينها. مرت الأيام و الشهور و حتى السنين... و السؤال عالق في ذهني و الجواب متكئ على صدري.
للبعض يمكن ان يكون الجواب صاحب للسؤال بإفعال تدور حول لحظات من السعادة المُطلقة مثل كل ساعه مهدره بالتضاحيك الغير مجدول لها مع الأصدقاء بدلًا من النوم، او اكل وجبة تناققض الحمية الصحيه التي توعدك بصحة "اسد" و الخ...
في مسرح الحياة، لا أؤمن بوجود لحظات مثالية خاليه من العيوب، هذه اللحظات " المثاليه" تكمن في تلك اللحظات "غير المثالية"، في بساطتها وصدقها و كونها مستهجنة. ففي جمال الحياة، يكمن في تباين ألوانها، وتناغم نغماتها. فلو كانت كلّ لحظاتنا "مثالية"، لفقدت رونقها وسحرها. وفقًا لخبراء مثل الدكتوره روبن نابي، فإن الشعور بالذنب تجاه الأنشطة التي نستمتع بها أو الاستخفاف بها يمكن أن يقلل من الفوائد الكبيرة التي تقدمها لنا على المدى البعيد.
و اظن ان السبب في عدم تمكني من الإجابة على السؤال حين تم توجيهه لي هو لعدم اقتناعي بالمفاهيم التي تعكسها تلك الملذات. الذنب شعور داخلي ينبع من إيماننا الشخصي، فما الذي يدفعك إلى ربط المتع البسيط و البريئة بالذنب؟ على الجهه الأخرى، أرى الشعور بالذنب يتفاعل عندما يتم التعاون على ماهو جوهرته غير مثالية (كطبيعة الانسان) بجعله خالي العيوب دائماً.
مثلاً الفراولة.
نرى هذه الفاكهة في المحلات بشكل مستدير وخالي من الشوائب وكلها بنفس الحجم تمامًا. تُزرع في بيوت بلاستيكية ضخمة تحت أضواء اصطناعية ، وتُغمر بمبيدات فطرية وتُضخ بالأسمدة. فقط لتبدو مثالية، لكنها غالبًا تفتقر إلى الحلاوة والحموضة التي يكون سببها الأساسي وراء الاستخلاص الطبيعي و الشرس من الشمس والتربة و المطر.
نفعل الشيء نفسه مع اسرى تصرفات حياتنا. نسعى وراء التحكم و الاصطناعيه و المثاليه الدائمة اعتقاداً بأنها الطريقة الوحيده للحصول على نمط حياه تجريديه بدلاً من احتضان ما هو ناقص بطبيعة حاله.
فتقبُل هذه العيوب في جميع اللحظات سيجعل من مسرح الحياه حكاية مخلده و ذات طعم (مثل الفراولة الطبيعية).